الأربعاء، 29 ديسمبر 2010

الأحد، 26 ديسمبر 2010

لمحات في أدب الطفل و ما أدب الطفل؟

لمحات في أدب الطفل
عرفت البشرية منذ وجودها أدب الطفل ـ وإن لم يكن مكتوباً ـ فهو من أنواع الأدب المختلفة، يعبر عن الأمة: عقيدتها، وهويتها، وآمالها، وأساليب عيشها.

والإسلام ذو عناية بالطفل قبل أن يكون إلى أن يكون، وبعد أن يكون إلى أن يبلغ مرحلة التكليف، وكانت عناية القرآن الكريم بالطفل ظاهرة، واهتمام رسولنا الكريم - صلى الله عليه و سلم - به ساطعة.

وسنلقي الضوء في هذه العجالة على الأدب الخاص بالطفل؛ من منظورنا نحن ـ أهل التوحيد والسنة ـ لا من منظور غيرنا المستعار.
ما أدب الطفل؟
إن أفضل تعريف وأيسره هو: أن كل ما كُتب وصُوِّر وقُرئ ليقرأه ويراه ويسمعه الطفل فهو أدب للطفل.

ونحن ماذا نريد من أدب الطفل؟ إننا نريد منه أن يحقق لنا عدداً من الأهداف الكثيرة التي تدخل تحت أربعة أهداف رئيسة هي:
1 - أهداف عقدية.
2 - أهداف تعليمية.
3 - أهداف تربوية.
4 - أهداف ترفيهية.

وذلك التقسيم لكيلا تتداخل الأفكار، وإلا فكل الأهداف تدخل تحت الهدف العقدي؛ لأننا أمَّةٌ عقيدتنا تشمل جميع شؤون الحياة الكبيرة منها والصغيرة.

الهدف العقدي والتعليمي

الهدف العقدي:
أهل كُل أمَّة كتبوا أدبهم مستمدين ذلك من عقائدهم، فتجد آثار تلك العقائد ظاهرة في آدابهم جليَّة، وبما أن ديننا الإسلام خاتم الأديان والمهيمن عليها وجب علينا أن يكون هذا الأدب معبراً عن تلك الحقيقة، فنجعل عقيدتنا تصل إلى الأطفال عن طريق الربط بينها وبين جميع حواسهم وملاحظاتهم ومداركهم؛ لأنه لا خوف من ذلك؛ فعقيدتنا لا تصطدم بشيءٍ من الحقائق العقلية، فتكون كلمة التوحيد موجودة في ذلك الأدب حتى تنمو معه. ولقد حرص الإسلام على أن يكون أولَ ما يطرق سمع الصبي الشهادتان، وكان سلفنا أول ما يحرصون عليه أن يتكلم الطفل بالشهادة، فتنمو معه ويزداد حبُّه لها.

يقول الغزالي: «اعلم أن ما ذكرناه في ترجمة العقيدة ينبغي أن يقدم إلى الصبي في أول نشوئه ليحفظه حفظاً لا يزال ينكشف له معناه في كِبَرِه شيئاً فشيئاً»
(1).

لا بد من ترسيخ حب الله ـ سبحانه وتعالى ـ ومعرفة قدرته، وأنه خالق الإنسان ومسيِّر الكون، وأن المرجع والمآل إليه، فينشأ الطفل غير مشوش التصور وضعيفة، تهزُّه أول كلمة شك، أو ينساق وراء الجهل، فيقع في الشرك أو البدع المهلكة.

وما أجمل تلك الأناشيد التي تمجد الخالق وتحث على التدبر في مخلوقاته، أو تلك القصص والصور التي تزيد الطفل يقيناً بعظمة الخالق وقدرته، فيزداد حباً لربه ويقيناً بعقيدته التي تدعوه إلى التضحية في سبيل الله كما فعل سلفه الصالح.

ومن تلك الأهداف العقدية محبة رسول الله - صلى الله عليه و سلم - والأنبياء والرسل، وذلك عن طريق السيرة النبوية وقصص الأنبياء المستمدة من القرآن الكريم والسنة الكريمة لا من الإسرائيليات، فما أروع تلك القصص عندما تكون تفسيراً مبسطاً لقصص الأنبياء والمرسلين التي وردت في القرآن، فيزداد ارتباطه بالقرآن، ويعلم علم اليقين أنه المصدر السابق لتلك القصص، وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فيكون ذلك درعاً للدفاع عندما يصل إليه المشككون، كما يصبح له ذلك طريقاً لتعلم القرآن وقراءته ومحبته والارتباط نه. ومن الأهداف كذلك تحبين الأطفال بالرسول - صلى الله عليه و سلم -، ومعرفة حقه، ووجوب طاعته؛ ففي عرض سيرته مجملة أو مقسمة خير مرسخ لتلك المحبة، والتركيز على صلته بأصحابه وعرض محبتهم له وفدائهم له، وما أكثر تلك المواقف القصصية في سيرته وسيرهم.

كما تعرض لهم علاقته مع أهل بيته، وليكون الطفل على دراية بدور الأم والأب والأولاد، فلا يكون ذلك غرضاً يرمى نه عند الأقلام المسمومة.

ولا بد في أدب الطفل من استلهام كل أمرٍ عقدي من القرآن الكريم؛ حتى يعرف الطفل عن طريق تلك الآداب أن القرآن مصدر عقيدته لا يدخله شك ولا شبهة ليكون ذلك خير دفاع في نفسه في وجه تيارات الكفر والضلال، فينشأ الطفل قادراً على التكيف لا تتنازع الأهواء، ويكون أكثر اتزاناً؛ لأن العقيدة الصحيحـة غُـرسـت في قلبه وفكــره بتمثلهـم لها عـن طـريق تلك الآداب.

يقول الإمام الغزالي: «ويرسل إلى المكتب مبكراً فيتعلم القرآن وأحاديث الأخيار، وحكايات الأبرار ليُغرَس في نفسه حب الصالحين»
(2).

وليس الأمر في ذلك بحشو أدب الطفل بتلك الأسس حشواً، بل تكون أسساً يركز عليها ذلك الأدب. فقد تكون القصة أو التلوين أو الفيلم أو الأنشودة في بابها أو تحوي بين ثناياها تلك الأسس لتصل إلى الطفل مقرونة بشيء من المحسوسان؛ لتكون أسرع رسوخاً في ذهن الطفل، مبسطة حتى يمكن لعقل الصغير إدراكها، وفي القرآن الكريم أمثال لذلك من ضرب الأمثال على التوحيد، وعظمة الخالق، وقصص النبيين.
2 - الهدف التعليمي:لا بد أن يضيف الأدب إلى أهله شيئاً قد يكون مفيداًَ أو ضاراً؛ وأُمَّـةُ الإسلام يجب أن يضيف أدبها ـ أيًّا كان نوعه ـ ما يفيد سوادها ـ ومن ذلك أدب الأطفال الذي يجب أن يستغل حب الأطفال للاستطلاع والمعرفة. يقول عبد الفتاح أبو مِعال
(3): «ولما كان الإحساس بالحاجة إلى المعرفة عند الأطفال جزءاً من تكوينهم الفطري لأن غريزة حب الاستطلاع تنشأ مع الطفل وتنمو معه، ومحاولة الطفل التعرف على بيئته تعتبر من العوامل الهامة التي إذا عولجت بحكمة؛ فإن ذلك يؤدي إلى تنمية ما يمكن أن يكون لديه من إمكانات وقدرات».

ومن ذلك أن يكون هذا الأدب يدرب الطفل على قراءة القرآن، وإجادة تلك القراءة مع فهم مبسط لمعاني ما يقرأ لكي يتذوق القرآن ويفهم ما يقرأ. وفي القرآن رصيد ضخم للمعارف بأنواعها مما يفتح عقل الطفل ويزيد تعلقه بكتابه؛ ففي بعض سور القرآن كسورة الفيل، والمسد، والشمس، قصص مبسطة وقصيرة تناسب الأطفال. وكلما تقدم الطفل كان الأدب مراعياً لذلك التقدم، كما يتعلم عن طريق الأدب ما يُقوّم لسانه من لغته العربية، فيزداد تعلقاً بتا ومحبة لها، مع مراعاة القاموس اللفظي للطفل، ولذلك لا يستطيع كل أديب الكتابة للأطفال.

وليكن الأدب محفزاً الطفل على اكتشاف كل جديد، ومعرفة خفاياه من علوم دنيوية تحيط نه كمكونات جسم الإنسان وآليته، وخلق الحيوانات والأرض والأفلاك وغيرها، ليعرف إبداع الخالق وعظمته مع ربط ذلك بالقرآن الكريم الذي يحوي الكثير منها. كما يعلمه الأدب علوم الإنسان كالتاريخ والجغرافيا والفيزياء والحاسب الآلي والأقمار الصناعية؛ ليشبع في نفسه حب المعرفة ولتنمية ما لديه من هوايات لتصبح مهارات يتميز بتا. قال محمد بريش: «وأدب الطفل يعين على اكتشاف الهوايات والحصول على المهارات الجديدة، ويعمل على تنمية الاهتمامات الشخصية عند الطفل».

ويمكن تشجيعه على استعمال تلك المعارف في حديثه مع غيره، وفي إلقائه ومخاطبته للجمهور، ولنعلم مدى فائدة تلك الآداب للطفل لننظر إلى الأفلام المتحركة المدبجة أو المنتجة؛ فلغتها الفصحى علمت أكثر الأطفال هذه اللغة المحببة، وأصبح السواد الأعظم من أطفالنا المتابعين لها يعون ويفهمون لغتهم الفصحى وإن لم يستطيعوا الكلام بتا بشكل جيد، وظهر أثر ذلك في كتاباتهم، فزادت مفردات الفصحى وأساليبها، وأثَّرت في حديثه وكتابته.

أهداف تربوية والترفيهي

إن التربية التي يتلقاها الطفل عن طريق الأدب ليست بأقل مما يتلقاها في مدرسته أو على يد والديه أو عن طريق مجتمعه؛ لأن الطفل عندما تكون هذه التربية بالأدب أياً كان نوعه يقرؤها أو يسمعها أو يراها؛ فإنها ترسخ في ذهنه؛ فابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عندما أوصاه الرسول - صلى الله عليه و سلم - بالوصية الجامعة كان غلاماً، ورغم ذلك طبق تلك النصيحة ونقلها إلى غيره من الناس، وطبعت حياته بطابعها الإيماني.
فالطفل بطبعه ميال إلى تقليد غيره من الكفار بالحسن وبالقبيح؛ فالتربية لا بد أن تراعي ذلك الجانب؛ فإنه عندما يرى فيلماً أو يقرأ أو يسمع قصة يتمثل أو يحاول أن يتمثل دور البطل أو الشخصية التي تناسبه فيها، فيحاول قدر الإمكان تقليدها؛ لذلك وجب علينا أن نستفيد من ذلك وخاصة في الأدب المرئي للطفل؛ لأنه أســهل طريــق للتربية لا يحتاج إلى كبير جهـد وعناء.

إذن يجب أن يكون هذا الأدب مربياً للطفل على الأخلاق الحسنة الفاضلة متصفاً بالتوحيد؛ فما أحسن تلك الأفلام المتحركة أو غيرها التي تصور طفلاً ينشأ على الفطرة الإلهية موحداً متصفاً بأخلاق حسنة وصفات نبيلة يتمثل الطفل ويعجب بتا أيما إعجاب، وما أكثر ما بلينا بتقليد أطفالنا لكل بطل أجنبي بسبب قصور أدب الطفل المرئي لدينا، إن لم نقل انعدامه، فجلب لنا جيلاً منفصلاً عن أمته، بل وعن محيطه الصغير ممن هم أكبر منه سناً، وما أعظم تأثير قصص أبناء الصحابة والصغار الصالحين؛ لأنه سيتمثل تلك المواقف لتصبح جزءاً من تكوينه.

لا بد أن تكون الأهداف التربوية في هذا الأدب أهدافاً سامية منتقاة من تاريخ أمتنا، لا بد أن ننمي فيهم عن طريق أدبهم روح الجهاد وبذل النفس والمال في سبيل ديننا؛ لأن التربية الأنانية وحب الذات قادنا لنكون أمة كغثاء السيل الذي أخبرنا نه النبي - صلى الله عليه و سلم -، كما ننمي فيهم روح المبادرة والقيام بالأعمال المفيدة، بل أن ننمي فيهم انتظار المعجزات التي لن تكون، ونربي بهذا الأدب الاعتماد على القرآن والسنة لتصديق أمر ما بدلاً من تحكيم غيرنا الذي قادنا لنؤمن بالخرافات والخزعبلات، فانتشر كثير من المسلمين بين القبور والقباب، وضاعت هممهم بين الأناشيد والأذكار الصوفية، ونجعل هذا الأدب يطبعهم بطابع العزة والأنفة وعدم الانحناء أمام ملذات الدنيا، ويصور لهم أن الحياة خير وشر وسعادة وعناء، حتى نبعدهم عن اليأس والضغوط والتشاؤم، ولا زلنا نتذكر تلك القصص المفزعة عن السحالي والوحوش والعفاريت التي جبلتنا على الخوف والرهبة من كل شيء، فلا بد أن يكون هذا الأدب منمياً لأطفالنا على حب الجهاد وعدم الخوف؛ لأن تلك التربية قادت المسلمين لأن يكونوا أيتاماً على مأدبة اللئام.
 - الهدف الترفيهيلا بد أن يكون هذا الهدف داخلاً في الأهداف السابقة؛ لأن الطفل يحب التسلية والترفيه ويمل من الجد؛ فعندما نقدم له العقيدة والتعليم والتربية عن طريق الترفيه فلا بد أنه سيُقبل عليها وتغرس في ذهنه أكثر مما لو كانت خالية من التسلية والترفيه. ولا أدل على ذلك من تعلق التلاميذ بالأفلام المتحركة، رغم أهميتها في التعليم والتربية إلا أننا نجعلها للترفيه. قال عبد الفتاح أبو مِعال: «والفيلم المصور المسجل بالصوت والمصاحب للحركة يساعد الأطفال على إيصال المادة التعليمية إلى جميع فئات الأطفال؛ فهذه العناصر: الصوت والصورة والحركة، تقوي سرعة البديهة والذاكرة، وتغرز القدرة على الفهم والحفظ»(4).

لكن طلب تلك التسلية والترفيه للطفل لا يصرف هذا الأدب إليه خاصة بدون نظر إلى الأهداف السابقة؛ لأنها المهمة وهو الوسيلة، لننظر إلى واقعنا حينما صرفنا أطفالنا نحو التسلية؛ فكثير من آداب الطفل نقصد بتا التسلية والترفيه لكنها غرست في نفوسهم ما يصاد الدين والأخلاق؛ لأنه لا يوجد أدب ترفيهي منعزل عن الأهداف الأخرى؛ فالطفل عندما يلون قصة أو يشاهد فيلماً أو يقرأ فإنه يستمتع بذلك ويتسلى نه، ولكنه يكتسب من تلك التسلية قيماً ومفاهيم إن صيغت بما نريد أفادت، وإن صاغها غيرنا قد تفيد ولكنها تضر أيضاً، فهي كالخمر والميسر حينما قال عنهما الله ـ تعالى ـ: {وَإثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا} [البقرة: 219].


المصادر
(1) إحياء علوم الدين، ج 1، ص 94.(2) المصدر السابق، ج 3، ص 57.(3) مجلة التوثيق التربوي، وزارة المعارف السعودية، عدد 36، ص 86.(4) المصدر السابق، ص 85.(5) هو عبد التواب يوسف من أوائل المبرزين في الكتابة للطفل، نقلاً عن أدب الطفل في ضوء الإسلام، لنجيب الكيلاني، ص 166.(6) الكتابة للأطفال، للدكتور محمد شاكر سعيد، ص 12.(7) أدب الطفل في ضوء الإسلام، نجيب الكيلاني، ص 165.(8) المصدر السابق، ص 38.(9) المصدر السابق، ص 39.

أدب الطفل ووظيفته التعليمية

الوظيفة التعليمية:
من أفضل الوسائل التعليمية تلك التي تتم بواسطة السمع والبصر، وترفض الورق كوسيلة للتعلم والتذوق. فالأدب المكتوب من الوسائل التعليمية المحدودة الأثر، وحينما يصبح الأدب مسموعاً أو مشاهداً فإنه ـ حينئذ ـ يؤدي دوره كاملاً .. كما أن التراث الشفهي كان من أقوى الوسائل في نقل المعارف، والحقائق، والنماذج الأدبية الراقية .. وذلك للأسباب التالية:
1 ـ أن أسلوب لحكى والقص يحقق الألفة، والعلاقة الحميمة، والمودة والثقة المتبادلة بين المتلقي، وهو هنا الطفل، ومَن في مستوى مراحل الطفولة، و «القاص» أو «الحك واتي». وفي إطار هذا التبادل الدافئ في العلاقة تتسلل المعلومات بخفة وسهولة ويسر .. ويقبل عليها الأطفال بشوق ولهفة.
2 ـ أن رفض «فن الكتابة» واعتماد فن القصة على التلقي سماعاً وتلقي المسرح مشاهدة بصرية حيث المبدع يلتقي فيه مباشرة ـ أمر يحقق عمقاً في الذاكرة .. بحيث لا تنسى هذه الأعمال الفنية، وتظل محفورة في وجدان وعقل المتلقي، وتمده بالمعلومات في حينها.
3 ـ في المراحل المختلفة لنمو الأطفال، ينبغي بناء الأدب بعامة والقصص بخاصة على مواد تعليمية ترتبط بميول التلاميذ والأطفال وخبراتهم، لأن مثل هذه المواد التعليمية تزيد من شغف الأطفال والتلاميذ بالأعمال الفنية، وتدفعهم إلى بذل المزيد من حسن الاستعداد، ومن الجهد العقلي للاستفادة من هذه المواد. كما تزيد من تهيئتهم للاستفادة الوجدانية وقدراتهم على الحفظ والقراءة والأداء اللغوي والصوتي السليم.
4 ـ الأدب في إطاره القصصي مصدر للنمو اللغوي السليم عند الأطفال والتلاميذ .. وبرغم ما في أطوار نمو الأطفال من اختلاف وتباين حيث الاستعدادات للتنمية اللغوية مختلفة .. فإن الأدب يساعد كل الأطفال، ابتداء من مرحلة الحضانة حتى عتبات الشباب على التحصيل اللغوي وتنميته، ويتزايد المحصول اللغوي، وتثري دلالاته وتتنوع استخداماته، وذلك بأثر من تزايد عمليات النضج الداخلي لدى الطفل، والخبرات التي تزوده بتا البيئة والتجارب التي يمارسها بحكم تقبله وتلقيه للإبداعات وفي مقدمتها القصص والمسرحيات .. ثم ألوان الأدب المختلفة من أناشيد، وأشعار جميلة، وأغاني ذات إيقاع جماعي، لكن بشرط أن تكون هذه «الآداب» متلاقية مع حاجة من حاجات الأطفال.
5 ـ الأدب مصدر من مصادر المعرفة، في مرحلة من مراحل الخصوصيات المعرفية التي تصبح موضوع اهتمام المبدع مثل القصة أو المسرحية أو قطعة الشعر، حينما تكون حاملة للغة الخطاب المعرفي، والطفل والتلميذ والآباء والمدرسون يجدون في هذه النماذج الأدبية ما يجعل المتلقي من عالم الصغار قادراً على اكتساب ثقافات، وتتبع ما يجد من ألوانها ومن فنون المعرفة، ويكون عادات وجدانية تسهل التقاط المعرفة والأدب باعتباره نشاطاً لغوياً يساعد على التربية السليمة .. حيث الخبرة والعمل، والإحساس السليم والعاطفة الإيجابية تساعد الأدب على تنميتها، والأدب ـ فوق هذا ـ ينتقل بالمدرسة وبعمليتها التعليمية من مجرد تلقين التلميذ مواد دراسية إلى تزويده بالخبرات العقلية والوجدانية، وإعادة تنظيم خبراته السابقة، بصورة تضيف إلى معناها، وتزيد من قدرته على توجيه مجرى خبراته التالية نحو تحقيق أهداف التربية في خلق المواطن السليم جسماً وعقلاً وروحاً ووجداناً وقلباً .. الخ

الوظيفة الجمالية التذوقية

الطفل يولد بمشاعر رقيقة، وشعور فياض بالنيات الحسنة، والحب المتسامح النبيل .. وهو يولد مزوداً بخبرات فطرية جميلة .. فالطفل قيمة تنطوي على الخير والسعادة والرفاهية حباً ومودة وتواصلاً كما أنه معروف بشمولية ذوقه، ورهافة حسه وسعة خياله، وحبه وشوقه للمجهول، وقيام عالمه الطفولي على المغامرة، والحل والتركيب. والسؤال أن الأدب يخلق في عالم الطفل توجهات نحو الجمال، ويبرز القدرات المتذوقة ويكشف عن القدرة الإبداعية.
كما يستطيع الطفل بكل مراحل نموه، أن يكتسب قدرات التذوق حسب كل مرحلة، وخصائصها، وقيمها، وطبيعة العمل الأدبي المناسب لها .. بذلك نستطيع تنشئة الطفل تنشئة تذوقية حسب استعداده، وقدراته، وطبيعة مرحلته .. فرحلة الطفل خلال مراحل نموه برفقة الأدب، تخلق نوعاً من الصلة بين الجمال والإحساس به، ويمكن تلمس أثر هذا على الطفل الذي تعود الاستماع إلى الأدب أو مشاهدته، أو قراءته .. حيث الطفل يكون عادة في اتم صحته النفسية، وأكمل درجات نضجه، وأفضل حالاته الوجدانية والذهنية .. وهذا كله صدى للحس الذوقي الذي نما لديه أثر إرتباطه الدائم بالتذوق الأدبي. ويمكن بلورة العوامل التي تنمي التذوق الأدبي لدى الأطفال وذلك بأثر من تعاملهم مع الأدب استماعاً أو قراءة أو مشاهدة، وذلك فيما يلي:
1 ـ يعمل الأدب على تنشئة الشخصية، وتكاملها، ودعم القيم الاجتماعية والدينية، والثقافية .. ومن ثم تتكون عادات التذوق السليمة، والتوجهات نحو الجمال في كل ما يتصل بالحياة اليومية والاجتماعية، والحضارية. ويصبح الطفل قادراً على مواصلة علاقاته الإيجابية ببيئته، ويؤكد دائماً على مطالبه لتحقيق الجمال في حياته العامة والخاصة.
2 ـ تتكون لديه قدرات وخبرات وتجارب وثقافة تعمل على التأكيد على شخصية الطفل المتذوقة للجمال، وإصدار أحكام إيجابية لصالح النظام والنظافة، وذلك في إطار الجمال العام. بالإضافة إلى دعم القيم الروحية والقومية والوطنية لدى الأطفال، وذلك لخلق ثقة كاملة في مستقبل أمة تنهض على أكتاف مسئولين تربوا وهم أطفال على التذوق، والتمسك بالجمال في حياتهم الخاصة والعامة.
3 ـ كما أن تذوقهم للغة، وجمالياتها يساعد على تنشيط وجدانهم، وإكسابهم القدرة على تذوق اللغة واستعمالاتها وحسن توظيفها .. ومن ثم تتكون عادات عقلية وفكرية، تكون قادرة على تهيئة أطفال اليوم، ليصبحوا قادة المستقبل، ومفكريه.
4- ان الاطفال الذين ينشأون نشاة تذوقية ادبية يحققون اكتساب المهارات التالية :
- التعبير باللغة والرسم عن افكارهم واحساساتهم لتنمية قدراتهم على الاستفادة من الوان الثقافة وفنون المعرفة واعدادهم للمواقف الحيوية التي تتطلب القيادة والانتماء والتمسك بالجدية والاستفادة في الوقت نفسه من مباهج الحياة .
- التذوق اللغوي والادبي يحقق للاطفال مجالات وافاقا اوسع في تعاملهم واحتكاكهم الاجتماعي والانساني ويعالج سلبيات الاطفال المتمثلة في انطوائهم وعزلتهم وارتباك مواقفهم وتخرجهم هذه القدرات اللغوية وتذوق الادب من اطار عيوبهم الشخصية والاجتماعية الى اطار اوسع من النشاط والحيوية والتعاون والاقبال على الحياة .
- القدرة على القراءة الواعية وعلى تقدير قيمة الكلمة المكتوبة فكرية ووجدانية ومن ثم اعداد الاطفال لتولى اعمال اذاعية ومسرحية و…
- ان الادب يمكن الاطفال من معرفة الدلالات المعجمية ويزودهم بالدلالات الثانوية الموحية ويخلق لهم من خلال تذوقهم واستعمالاتهم ابعادا جديدة عن طريق المجازات التي هي في الحقيقة استعمالات لغوية تدل على الذكاء وحسن توظيف اللغة وضرورية لتنمية التعبير وامكاناته وتجديد طرائفه بل هنالك من يرى ان اللغة كلها مجازات .
- الادب فن والفن موطن الجمال وعلاقة الذوق بالفن قائمة على تنمية الاحساس بالجمال لدى اطفالنا .فالادب قادر على تغذية مخيلة الطفل بكل مايثير ويمتع.
- ان الدب في افقه الاوسع مجموعة من التجارب والخبرات وعندما نقدم شيئا منه لاطفالنا انما نقصد الى ان الاطفال لم يخوضوا اية تجربة شخصية مؤلمة ولم يستطيعوا التعرف على معنى وماهية الخوف القابع في اعماقهم ولهذا فانهم يجدون في ادبهم تعويضا عن ذلك في تلك الشخصيات والاحداث والمناسبات التي يتضمنها ادبهم .فكاتب ادب الاطفال العظيم هو القادر بحق على التعبير عن مشاعر الخوف العميقة لدى اطفالنا والقادر على ان يبتكر لهم مشاعرهم واحاسيس تربطهم بالحياة بشكل اجمل

الثلاثاء، 2 نوفمبر 2010

أدب الأطفال في العصور القديمة

أدب الطفل في القديم
في الواقع لدينا مصادر تتحدث عن أدب الأطفال في العصور القديمة ؛ ولكن كتب التاريخ القديمة ربما إشارة ببسطة إلى بعض القصص التي ربما كانت الشعوب والجماعات تداولها .
وهذه القصص كلها تعتد على عادات و تقاليد والقيم تلك الشعوب كالقصص التي تتحدث عن الغول والعنقاء أو التنين , وكلها كما نعرض حيوانات أو كائنات خرافية تعتمد علي التشويق المصحوب بمفاهيم وقيم الشجاعة والبطولة بشكل خاص.
ولأكن لا نستطيع أن نقول عنها (أدب أطفال ) لعدم وجود أطر و أسس واضحة لها تبين ماهيتها أو أطرها الفنية , ولأنها كانت تخضع للشفافية والرواية وليس الكتابة .
وقد جاء في الحضارة القديمة من خلال بعض الرسوم علي الجدران والرقم بعض هذه الإشارات والقصص مثل الحضارة الصينية والحضارة الفرعونية وبمراجعة بعض مصادر الحضارة اليونانية الرومانية القديمة , فإننا نلحظ بعض المشاهد والمعلومات والأفكار التي تبني علي عناية تلك الشعوب بالنواحي الدينية الأطفال حيث يحرصون علي تعليمهم قيم البطولة والشجاعة والدفاع عن النفس من خلال تدريب بدني وتدريب ذهني مرتبط بتلك القصص الأسطورية والبطولية التي أشرنا إليها آنفاً .
وعلية فأدب الأطفال في العصور القديمة ليس واضح المعالم ما عدا ما ذكرناه في البداية .